شريط الاخبار

قائمة

مشاهدة "المواضيع القديمة"

مشاهدة التسميات "مدار الرأي"

ضربة المعلم

الثلاثاء، 14 فبراير 2017 / لا تعليقات

ننتظر ما الذي سيأتي في الخطاب بعد هذه الهبّة العاطفية القوية التي كانت من مستوى لحظة لقاء حار بعد غياب مؤسساتي دام 33 سنة، وما الذي سيقوله ملك تعتبره بضع دول جالسة تستمع إليه يقود بلدا مستعمِراً، فيكون الجواب: "إننا ندرك أننا لسنا محط إجماع داخل هذا الاتحاد الموقر. إن هدفنا ليس إثارة نقاش عقيم، ولا نرغب إطلاقا في التفرقة، كما قد يزعم البعض! وستلمسون ذلك بأنفسكم، فبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكب على لم الشمل، والدفع به إلى الأمام".

وينتهي الخطاب وقد بهت ممثلو الدول غير الصديقة، وارتاح الأصدقاء القدامى في غرب إفريقيا، والجدد في شرقها، لأن عنوان هذا الكلام المنتظر في لحظة تاريخية بامتياز كان هو باختصار الحكمة. وانتهى الكلام.

ولتقدير هذه العودة وهذا الخطاب وهذا الطريق الطويل من العمل الدؤوب لسنوات في التربة الإفريقية، لابد من استرجاع لحظة وصول الوفد المغربي برئاسة المستشار الملكي آنذاك أحمد رضى اكديرة إلى نفس العاصمة أديس أبابا في 12 نونبر 1984، ليلقي رسالة الحسن الثاني أمام القادة وقد انضم إليهم زعيم البوليساريو عبد العزيز المراكشي كعضو جديد، ويقول: "حان وقت الانفصال، نودعكم ونتمنى لكم حظا سعيدا مع الشريك الجديد".

كان بالإمكان في الخطاب الملكي ذرف الدموع على 33 سنة من الخذلان، ومن ضرب القانون الدولي آنذاك عرض الحائط بقبول عضو لا تتوفر فيه مقومات الدولة، وهو "الجمهورية العربية الصحراوية"، لأسباب سياسية مرتبطة بالحرب الباردة. كان بالإمكان رفع خطاب العودة إلى قصاص مشروع بعدما تحولت الأغلبية لصالح المغرب، كان مفهوما لو تم التفسير لرأي عام مغربي على أن الجلوس مع جمهورية دأبوا على سماع أنها وهمية هو لهذا السبب أو ذاك، ولكن لا شيء من هذا حصل، الذي حصل كان عكس التوقعات التي تخوف منها بعض العقلاء، وهو أن تصطبغ الكلمات بنفس لون الجيل الجديد من خطابات محمد السادس الهجومية التي سمعناها من الرياض إلى دكار مرورا من الرباط، ولكن لكل مقام مقال، وأصبحت للعودة المغربية للاتحاد الإفريقي آفاق أبعد وأرحب من قضية الصحراء ومن المواجهات المنهكة مع الجزائر. إنه اختيار ملكي لم يكن أحد يتكهن باتجاهه إلى حدود الساعة الحادية عشرة والنصف بتوقيت المغرب صباح الثلاثاء الماضي، عندما اعتلى محمد السادس منصة الخطابة ليقول للجميع: "كم هو جميل هذا اليوم الذي أعود فيه إلى البيت".

والواقع أن التكهن باتجاه تحرك العهد الجديد في القارّة الإفريقية ظل صعبا، لأن جمع قطع "البوزل" ليس هينا، سفريات كانت تبدو متفرقة إلى دول بعينها في الغرب الإفريقي، وانتشار اقتصادي بلا ضجيج، فحتى المكتب الشريف للفوسفاط ظل يشتغل بصمت إلى أن انبثقت مشاريع ضخمة قبل سنة فقط قد تصل إلى 10 ملايير دولار! كان الأمر كمن ينفذ خطة عسكرية محاطة بالسرية ولها اتجاهات متعددة، وحده الجينرال يعرف الهدف الاستراتيجي. نحن نتذكر ذلك الاجتماع العاصف مع رئيس الحكومة السابقة الذي نقله التلفزيون، وتم فيه تأنيب الجهاز التنفيذي على التماطل في تسوية ملف المهاجرين الأفارقة، إنه قطعة من كل، وسيتبين في خطاب أديس أبابا أن هذا الكل كان بنيانا مرصوصا برؤية متكاملة منذ البداية، ومن هذا المنطلق يمكن أن نقول إن المغرب عاد فعلا من الباب الكبير، عاد بمشروع هزم أسلحة الخصوم التي كانت تعتمد على الشراء، وقال إنه إذا كان لابد من تجارة في علاقات دولية مبنية أساسا على المصالح، فلا أهم من تجارة مبنية على الصح، على الاستثمارات، على شيء تتشارك به مع الآخرين، فيربحون به التنمية والاستقرار وتربح معهم، بدل الريع الذي لا يربح فيه إلا أشخاص تذروهم الريح بعد ذلك.

إن المغرب الذي مازال يعاني من الهشاشة داخليا، ومشاكله مع الشغل والتعليم والصحة والفوارق كبيرة، استطاع أن يسوق في إفريقيا واقعيا صورة البلد الواعد، وأصبح فاعلا اقتصاديا كبيرا ولاعبا سياسيا وازنا. والمغرب الذي بدا أنه يجتر ديبلوماسية متثائبة ضرب اليوم ضربة أحيت العظام المتثاقلة، ولا مزايدة ولا مداهنة في القول إن المغرب حقق انتصارا كبيرا، ليس بالعودة للاتحاد الإفريقي فقط ولكن بطريقة العودة ومضمونها وآفاقها. إنها باختصار أكبر ضربة لمحمد السادس طيلة مدة حكمه.

إضافة إلى مشاكلنا الداخلية التنموية، هناك مشاكل السياسة والساسة، وهناك "البلوكاج" الملعون، ولابد أن نستحضر اليوم مستجدات أتت من أديس أبابا لإعادة قراءة بعض التأويلات التي تمتح من نظرية المؤامرة. لقد تبين أن الإسراع بتشكيل مجلس النواب قبل تشكيل الأغلبية الحكومية كان ضرورة ملحة ومصلحة وطنية أعلى من المشاورات الحكومية المستمرة، وكم يبدو صغيرا اليوم ما يجري بالرباط من سجالات مقارنة مع ما جرى في أديس أبابا من إنجازات. وقد تبين أن عبد الإله ابن كيران لم تخنه حصافته، واختار الصعب من أجل الوطن، وساهم في تشكيل هياكل مجلس النواب، ولم يختر السهل بالاستقواء بمقاعده كما ينصحه بذلك من لا مقاعد لهم إلا إذكاء النار بدعوى مبادئ مجردة لم يسبق أن أفلحت في أي سياسة دون الأخذ بعين الاعتبار كل جوانب المعادلة، وإلا يكون المصير هو الاصطدام بالحائط. لقد تغلب التعقل لحد الآن رغم التأخر، والأكيد أن رياح أديس أبابا ستهب ربما على حي الليمون حتى ينتعش المشور السعيد، فالوقت حان للانخراط في هذا المشروع الإفريقي الكبير الذي اتضح أنه سيكون ورش المغرب الذي سيساعده على التنمية وعلى تدبير انتقاله الديموقراطي، ليس بمنطق الغلبة ولكن بمنطق التوافق.

سئمنا من حسابات "الخوشيبات" وتصنيف الناس على فسطاطين، الكفار بالديموقراطية والمتعبدون في محرابها، وإعطاء النقاط في الاستقلالية والوعظ السياسي والإرشاد في المشاورات، سئمنا هذه الإيديولوجيات المتجاوزة، فهذا زمن تكتل الجميع من أجل المغرب. واليوم، يجب أن تكون التنازلات المتبادلة هدية الأحزاب للوطن ولإفريقيا وللمغاربة، فالناس لا يصوتون على الحكم في البلاد ولكن يصوتون على جزء يسير منه، وبالتالي فمن أجل القضايا المصيرية قد يكون التواضع مفيدا والتسيير ضروريا.
عشنا لحظة تاريخية وستكون بالتأكيد ملهمة للجميع، فهنيئا لنا جميعا والعود أحمد.
نور الدين مفتاح

حسن طارق: الملك والمناضل وجها لوجه وبينهما سوء الفهم الطويل

الاثنين، 3 أغسطس 2015 / لا تعليقات


 حسن طارق2015/08/03 14:51 
حسن طارق: الملك والمناضل وجها لوجه وبينهما سوء الفهم الطويل
الصُورة تُكثف كل دلالات الحدث : الملك والمُناضل وجهاً لوجه ،و بينهما وبين ما يمثلهُ كلٌ منهما ؛ذاكرة متقاطعة مليئةٌ بالتوترات الحادة وسوء الفهم الطويل ،و مُشحنةٌ بالصراع و التوافقات وإختلاف الرؤى . لكن بينهما -كذلك-كُل المُشترك الوطني . و بينهما -في النهاية -مشاعر رَجُلين .

في صُورة اللقاء كثافةٌ من الرُموز ؛ بنسعيد آيت يدر بالبذلةٍ العصريةٍ والطربوش الوطني ، لباسُ الحركة الوطنية وهي تُعيد إكتشاف الهوية المغربية ،داخل المساجد والأحياء المدينية ،تحت صدمة الإستعمار و هيمنة الشّرق . الطربوش الذي لبسه محمد الخامس في الواقع وفي الأسطورة ،قبل أن تُغيبه العلامات والتقاليد التي صنعها لنفسه مخزن مابعد الاستقلال ،و يَستبدلهٌ بالشاشية الشّهيرة .

في الصورة كذلك رسالة لا تُخطأ عنوانها : يمكن للإحترام والتقدير من جهة وللكرامة الإنسانية من جهة أخرى ،أن يعنيا أمراً واحداً.

في الأمر مُفاجئةً جميلة ؛أن يُوشِح الملك المقاوم والسياسي محمد بنسعيد آيت يدر . في الحدث لحظةٌ مغربيةٌ رفيعة ،حيث الملك يُكرم أيقونةً النضال الوطني والديمقراطي ،وحيث الوسامُ دلالةٌ تقديرٍ لكلِ ما يرمزُ اليه الرّجل في تاريخنا السياسي الحديث.

في البدء خلقت الأوسمة ،كإستعارةٍ يريد الوطن من خلالها أن يقول "شكراً" ،وتريد الأمة بواسطتها أن تعبر عن فضيلة الإعتراف ،وتريد الدولة عبرها أن تقابل عطاءات إسثتنائية بقليلٍ من الوفاء .

وبنسعيد آيت يدر ،المقاوم والمناضل والمواطن ،يستحق الشكر والإعتراف والوفاء .

دخل المُوَشٓحُ السياسة من الباب الكبير للوطن : مقاوماً ومؤسساً لجيش التحرير ،ومثل جزءٍ كبير من مُجايليه الشباب قادته خيبات مابعد الإستقلال للمُعسكر التقدمي ،دفاعاً عن روح الحركة الوطنية وإستمراراً لحركة التحرير الشّعبية ،إختيارٌ صعبٌ ومُكلفٌ كان من السهل أن يجني من وراءه صاحبنا حُكماً نافذاً بالإعدام في ذروة القمع الستيني العارم ،ليجد نفسه بعد ذلك منفياً .

هناك خارج الوطن /الجغرافيا والأرض وفي قلب الوطن الفكرة والتاريخ ، ومن داخل إلتباسات ومراجعات وتناقضات الحركة التقدمية ،سيجد نفسه مؤسساً وقائداً لتيارٍ من تيارات اليسار الجديد ،رُفقة جيلٍ جديد من الشباب وجيلٍ جديد من الأحلام .

معهُم ،وبعد عودته بداية الثمانينات ،سيتحمل مسؤولية قيادة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، كصيغة لما بعد الانتقال نحو الشرعية ،وكمدرسةٍ رائدة في النضال الديمقراطي واليساري المتجدد ،المسنود بطلائعية ثقافية وفكرية مِقدامة،وتجربة إعلامية مميزة ،ونفسٍ قومي لافتٍ ،وأذرعٍ مدنية ونسائية خلاقة .

حينها سيبصم بنسعيد آيت يدر ،نائباً في البرلمان ،على شجاعةٍ ناذرةٍ ليطرح أسئلةً خارج سقف "المرحلة" والحدود المرسومة للإنتداب الإنتخابي ،تم سينخرط بكل قوة في تجربة الكتلة الديمقراطية ،قبل أن يعصف دستور 1996 بوحدة المنظمة ،ليدخل مساراً آخر بحثاً عن يسارٍ إشتراكيٍ وموحد ،قبل أن يجد نفسه ،مع دينامية 20فبراير 2011، مرافقاً لجيلٍ جديد من الشباب وجيلٍ جديد من الأحلام ،حيث نذكر جيداً رسالته لهؤلاء الشباب الذين فتحوا-على حد قوله- "باب المغرب على مستقبل الكرامة" ،والذين ساندهم بلا هوادة ،باعتباره"الشيخ الذي لايزال يحلم بالأمل الجميل للشعب المغربي ".

خلال كل هذه المحطات ،وبرفقة هذه الأجيال الثلاثة الباحثة عن الحرية والديمقراطية ،سيظل الرجل ،نزيهاً عفيفاً وفياً لمبادئه واضحاً في إختيارته، غير قابلٍ للمساومة .

السِي محمد بنسعيد : دُمت شامخاً

تداعيات غرق المهاجرين السريين قرب السواحل الاروبية

الأحد، 26 أبريل 2015 / لا تعليقات

لحسن لعسيبي
اسمحوا لي أن أربط ، بين غونتر غراس وكارثة الغرقى الجدد من المهاجرين السريين قرب السواحل الأروبية. ليس فقط لأن الموت (ذلك الحصاد الفريد الذي مطامره في كل جهة كما تعلمنا إحدى رباعيات الحكيم الصوفي المغربي سيدي عبد الرحمان المجذوب)، يجمع بينهما. ففي أول الأسبوع الماضي، فقد العالم وليست ألمانيا وحدها، واحدا من عمالقة الفكر الحر، وليس فقط الأدب الرفيع، في شخص صاحب جائزة نوبل للآداب سنة 1999، غونتر غراس. وفي آخر ذات الأسبوع، غاصت في عمق مياه المتوسط أكثر من 700 روح قادمة من الجنوب، لأطفال ونساء وشباب، مثلما يغوص الندى في التراب. وعلينا، هنا، بدون مزايدة، أن لا ننسى أنه وحده الغريق الذي يعرف حقيقة اختناق الهواء وخفة الماء.
ليس هذا وحده، ما يجعلني أربط بين ذلك الأديب العالمي، وبين غرقى المتوسط الجنوبيين، بل إن ما يجمع بينهما هو السؤال الفكري الغني، الذي يهبه لنا منتوج الأول لفهم أسباب الثاني. خاصة تلك المحاورة الفكرية الجريئة، التي جمعت سنة 1999، بين الروائي غونتر غراس وعالم الإجتماع الفرنسي بيير بورديو، التي تعتبر اليوم مرجعا لفهم الذي يجري عالميا، وضمنه كارثة الغرق الجديدة في البحر المتوسط.
إن أجمل ما في تلك المحاورة، هو يقين الفرنسي والألماني (وما أروبا تاريخيا، منذ عصر الأنوار، سوى سؤالا فرنسيا ألمانيا) بضرورة أن يفتح المرء فمه للكلام، والعبارة أبلغ باللسان الفرنسي (ouvrir sa gueule). أي فتح الفم لممارسة النقد الواجب من قبل المثقف، حتى وإن كان ذلك سيهدد امتيازاته في المجتمع. وهذا النوع من النقد هو الذي يحتاجه الشمال اليوم أمام كارثة المتوسط، لأن دور المثقفين هناك مطلوب، حتى لا يذهب تحليل المأساة، فقط في اتجاه حدود التأسي وادعاء التضامن، بينما السبب كامن في خيارات سياسية، تجاه الجنوب، مصدرها ذات الشمال الذي كما لو أنه يدرف اليوم بعضا من دمع التماسيح على مآسي الجنوبيين. بل قد نذهب أبعد في النقد ونقول إن أبناء الجنوب ليسوا في حاجة فقط، إلى صلاة ودعوات بابا الفاتيكان يوم الأحد، بل هم في حاجة إلى إعادة إنصاف اقتصادي وتنموي وسياسي، تجعل الحلم يبقى في تربته وفي سريره، ولا يحلق على بساط الموت والخطر إلى وهم سرير آخر في الشمال.
إن السؤال الطبيعي، هنا، أمام الجتث العائمة في مياه المتوسط، ليس نتيجة الغرق، بل سبب الإبحار .                        

بعض الإكراهات الكبرى أمام التنمية

الأربعاء، 1 أبريل 2015 / لا تعليقات

 كنا قدمنا في الجزء الأول مجموعة من الملاحظات، ساهمنا بها –من وجهة نظرنا-لرفع     اللبس وإضاءة بعض العتمات, التي يستغلها البعض للتشويش على تجربة, أبدا لن تدعي الكمال ،ولا الاستثناء حتى ،بل تعتبر عملها صيرورة ترتكز على التراكمات, وتتجدد مع تجدد الحاجيات والمتطلبات, وتعمل في إطار الممكن وصراع دائم مع الاكراهات, لإبداع حلول مكيفة ومندمجة. هذا الصراع المستمر والمتجدد مع تجدد المشاكل والاجيال، يجعل من الصعب تعريف التنمية بمجرد كلمات تقنية متغيرة. وبهذا نجزم ان جل التعاريف لمفهوم التنمية هي تقريب من خلال وصف للاليات المستعملة او المقاربات المعتمدة ... رغم ذلك تبقى التنمية بشكل أكثر تجريد هي كل فعل بشري فردي أو جماعي يسعى لتحقيق حياة أفضل في إطار مد وجزر بين المشاكل والحلول الممكنة...
التنمية هي الحياة، ولا معنى لحياة بدون إكراهات ومشاكل. من هنا جاءت فكرة تقاسم بعض الاكراهات قصد اغناء النقاش بعيون جيلنا وظروف عصرنا.
1.     إشكال الهوية والانتماء: العديدون لازالوا يربطون الهوية بالقبلية وبولد البلاد ويغالون في ذلك بطرق شتى، في حين أن واقع التنمية يفرض علينا تجاوز هذا المنظور الضيق إلى منظور يتلاءم وعصر العولمة والتكتلات الاقتصادية الكبرى. فهويتنا هي المشترك بين جميع المغاربة (الله-الوطن-الملك). هذا المشترك هو الوحيد الذي يمكنه استيعاب الاختلاف في أصولنا، في ثقافتنا، في لغاتنا ولهجاتنا من خلال نهج سياسة التعايش والتكامل والتضامن... ويجعلنا نسخر كل هذا التنوع لخدمة وحدة الوطن، وضمان استقراره وأمنه وتطوير اقتصاده وتبويئه المكانة اللائقة به إقليميا وقاريا...
هويتنا هي المغرب هي الشجرة التي جدورها في افريقيا وفروعها في الشراكة الاستراتيجية التي تربطه مع الاتحاد الأوروبي وتكتلات اقتصادية أخرى. وفي إطار هذا المنظور لابد أن نشير هنا على سبيل المثال  إلى أن :                                                                                                       نظام الجهوية الجديد (12 جهة) استبعد مفهوم القبلية اسميا وجغرافيا، وركز على خلق مجالات اقتصادية متكاملة قدر الإمكان...
ربط الرحامنة بالماء من سد المسيرة لم يعالج في إطار القبيلة الضيق بل جاء في إطار سياسة وطنية ممتدة على عقود لربط السد بطريق سيار للماء من الغرب وتزويد الجنوب بهده المادة الحيوية بدءا بتامنصورت...
ولد البلاد يبقى اذن ولد البلاد أينما كتب له ان يعيش، وأينما تيسر له الرزق.
2.     السلطة وحقوق الانسان: لازال البعض يعيش بعقلية ماضوية يتمثل من خلالها السلطة. فهذه الأخيرة هي العدو، هي القمع، هي الاستبداد بعينه، وبالتالي فكل عمل صادر عن هذه المؤسسة يكون مستهدفا بالتشكيك، ومجرد محاولة للتدجين والاحتواء. وهذا يتناقض بشكل صريح مع المفهوم الجديد للسلطة الذي تعتمده التنمية حاليا. فمؤسسة السلطة هي شريك أساسي لها دورها المحدد دستوريا في التنسيق والحرص على تطبيق القانون والامن وحماية الممتلكات وغيرها، مسؤولة مع باقي الشركاء على بناء دولة الحق والقانون، وترسيخ قيم العدل والمساواة...
هذا خيار لا رجعة فيه يتأكد يوميا من خلال:
·        المتابعة القانونية لكل رجل سلطة أو مسؤول سولت له نفسه تجاوز الحدود...
·        حق كل مواطن في التشكي والتظلم ضد أي كان وفقا للمساطير القانونية.
·        مأسسة الشأن الحقوقي عبر المجلس الوطني الاستشاري لحقوق الانسان في المسار التنموي دون إلغاء أو الالتفاق على دور الجمعيات الحقوقية الأخرى. للإشارة دور هذا المجلس يشار اليه أيضا بالتشكيك وبكونه أداة في يد المخزن لاحتواء الحركة الحقوقية )انظر الاستجواب الأخير مع محمد الصبار القيادي في المجلس بجريدة الاخبار عدد 728 السبت/الاحد 28-29/03/2015 ) وكيف حاولت المستجوبة استفزاز هذا المناضل بعقلية ماضوية ومحاولة اتهامه بقلب الفيستة .
·        خروج مؤسسة مراقبة التراب الوطني الى العمل العلني، وفتح أبواب التواصل حول الملفات الأمنية والإرهاب وتجارة المخدرات وغيرها... هذا الخروج يؤكد أيضا الخيار الاستراتيجي لبلدنا للعمل التنموي المؤسساتي المتكامل الأدوار ومسح اثار النظرة التقليدية لهذه الأجهزة عبر دمجها للقيام بدورها الدستوري الأساسي في التنمية...
3.     بطء المساطير، وعدم تحيين القوانين التنظيمية الخاصة بتفعيل الدستور الجديد والجهوية الموسعة التي اعتمدتها بلادنا كمتطلبات ملحة لتحقيق التنمية. هذا أيضا يعتبر من الاكراهات التي يجب تجاوزها بتفعيل دور المؤسسات التشريعية، وإعادة النظر في مساطير التنفيذ الغارقة في البيروقراطية.
4.     ربط المسؤولية بالمحاسبة والحرص على التدبير المبني على الحكامة الجيدة خطاب يتناقض مع واقع الحال ،حيث يجد المسؤولون أنفسهم بين سندان الوصاية والقوانين المجحفة ومطرقة محدودية مجال اتخاد القرار... وهنا تكون محاسبتهم تحصيل حاصل في غياب تعاقد صريح يحدد الأدوار والمسؤوليات  والمؤشرات التي على ضوئها تتم المحاسبة أو ما يصطلح عليه بالتدبير المتمحور حول النتائج (GAR)...
5.     مشهد سياسي ضعيف لازال لم يتحرر من لغة الخشب والديماغوجية، غايته استغلال هشاشة الكتلة الناخبة وعدم استقلالها المادي قصد الوصول الى المناصب، في تنسيق تام مع لولبيات المال والاقتصاد  أو الارتكان الى خطاب أيديولوجي ماضوي لا يسمن ولا يغني من جوع يجعل مجموعة من الأحزاب خارج سياق التنمية.
هذا الاكراه تتحمل مسؤوليته الأحزاب بعدم انخراطها في بناء ذاتها من خلال تجديد نخبها وتسطير برامجها شكلا ومضمونا، وكذلك بربط هذا البناء بتحقيق مصالح ضيقة للوبيات المتحكمة فيها ماديا. وبتعدد هده المصالح تتعدد الأحزاب حتى صرنا في واقع سياسي مبلقن. هذا عكس سياق التنمية الذي أصبح يتطلب تكتلات سياسية قوية تضمن له الوحدة والاستمرارية وقوة الترافع وسرعة الأداء، خاصة ان الغابة واحدة هي تحقيق الحياة الكريمة لجميع المغاربة...
6.     بطء الإصلاح في اوراش التعليم الصحة والعدل يجعلنا أمام واقع حال هش. تكتل بشري قارب 34مليون نسمة ضعيف الإنتاج، لا يعرف كيف ينمي كفاءاته وينظمها ويجعلها رهن إشارة التنمية، تنخره الأمراض في طريقه الى الشيخوخة. منظومة قضائية غير مستقلة، وولوجيات صعبة غير مفتوحة في وجه الجميع. هذه مشاكل تجعل التنمية شبه مستعصية بدون تجفيف هذا المستنقع، السبيل الوحيد للحفاظ على التوازنات وتسخير الرأس المال المادي واللامادي لتحقيق قيم العدالة والمساواة والكرامة.
7.     عدم التقه في المؤسسات عنوانه البارز التملص الضريبي، وتهريب الأموال، والمضاربة في الظلام في مجال العقار كل هذا يعيق التنمية. وللأسف الشديد عولج بمنطق عفا الله عما سلف في غياب بناء نظام ضريبي وعقاري منصف وعادل ومتعاقد عليه...


عبد العاطي بوشريط
يوم 31/03/2015

بلدتي

الأربعاء، 4 مارس 2015 / لا تعليقات
Description : C:\Users\MAFYD\Desktop\DSC_7194 copy.jpg 


جففي دموعك بلدتي
فلطالما بكيتِ
في صمت وما اشتكيتِ
عقود من البأس وما تمردتِ
رغم صروف الدهر ما انهزمتِ
في جوفك الغنى و ما اغتنيتِ
كنت دائما في الموعد و ما تخلفتِ
أعطيت الكثير و ما سألتِ
أبناءً لك داسوك بنعالهم و ما سخطتِ
ذقت المرارة من فرط ما عانيتِ
وأنت صامدة قوية ما تزعزعتِ
·                سنوات عجاف وما انحنيت
ما تقوس لك ظهر وما شبتِ
مشيت حبوا و ما توقفتِ
حلمت و حلمت و حلمتِ
بَعُد المنى وتبخر الحلم و ما يئستِ
جفت منابعك و ما اكترتِ
عِشتُ معك كما عِشتِ
وأنت بسيطة  عفيفة آه كم تحملتِ
من نكران وجحود وأنت كما أنتِ
بمستقبل واعد تغنيتِ
ومن أجل يوم يأتي أو لا يأتي صبرتِ
بالقليل رضيتِ
قُلتٌ ضاع الحلم وبحبل الأمل تشبثِ
جففي دموعك بلدتي
فقد آن الأوان لنهضتكِ
من اليوم أكتبي تاريخكِ
بحبر زاه وقلم تداعبه أناملكِ
ودعي أمسكِ
واحضني يومكِ
واستبشري بغدكِ
لن يعلو صوت بعد اليوم فوق صوتكِ
حتى الشمس تأبى أن تغيب في سماءكِ
والقمر اقسم أن يضيء ليلكِ
وحلل البهاء تكسو أرضكِ
والمسك عطر هواكِ
تجملي فأنت عروسة زمانكِ
اركضي وسابقي الزمان لمجدكِ
واتركي الماضي خلفكِ
واجعلي الحاضر نصب عينيكِ
وارفعي من سقف تطلعاتكِ
المجد المجد لكِ
جففي دموعك بلدتي
عبد الخليد سهون

لعب الدراري

الاثنين، 2 فبراير 2015 / لا تعليقات


حينما يمسي الشخص مؤمنا في اقواله ويصبح كافرا في افعاله ، نكون امام لعب الدراري .حينما تأخد الشخص الحمية الجاهلية ، وتتملكه موجات الانفعال الصبياني والطيش الطفولي ،نكون امام لعب الدراري .حينما تصبح النرجسية مرضا نفسيا وهوسا سلوكيا ، فتصبح مصالحك الضيقة هي التي تحركك عوض المصلحة العامة ،لدرجة تجعلك تتحالف مع الشيطان عوض الدود عن منافع عبا د الرحمان نكون امام لعب الدراري.حينما يكون بيتك من زجاج فتقدف الناس بالحجر ، وترفع شعارات بحجم الهواء الذي يملأ رئتيك من قبيل الفساد والاستبداد ، وانت لاتعي المسافة الفاصلة بينهما .حينما يرى الشخص الحقيقة ماثلة امامه رؤي العين ويقول عكسها ، ليبلغ فاهه الى الماء وما هو ببالغه ، كسراب بقيعة يحسبه الضمآن عذبا فراتا ،فاذا به يستحيل كابوسا ووهما ،فاعلم انك امام لعب الدراري .حينما تلبس عباءة المحامي والمناضل-ظلما و زورا وبهتانا -لتنافح وتترافع عن ملف وحيد ويتيم يخص مصلحتك الفردية والخاصة، وتضرب بعرضالحائط ركاما بل جبلا من ملفات موكليك فاعلم انك امام لعب الدراري .حينما تتحدث عن الشفافية وانت تمارس التعتيم ،تتقمص دور الضحية وانت الجلاد، تتدثر برداء الحمل الوديع وانت تنهش بانيابك اعراض الناس كالذئاب ، فحثما انت امام لعب الدراري .حينما تتهم شخصا ذاتيا او معنويا وانت تلبس لحاف المودة والدروشة ، وانت شر خلقا ومكانا فيقينا انت امام لعب الدراري .حينما لاتفقه في الكتابة سوى لغة التشيار ، ولاتدري ان ما تخطه يداك من خربشات لايساوي حبر المداد الذي كتب به ، فاعلم حثما ويقينا انك امام لعب الدراري،فقارون بماله وفرعون بسطوته وجبروته ،طغى وتجبر ،فكانت سوء خاتمة كل واحد منهما ،انه تقهقر وانكسر ،وفي التاريخ  عبرة لمن لا يعتبر

اي دور لصوت الشباب لدى صانع القرار ؟

/ لا تعليقات

خالد كب : 

شكل الشباب على مدار الحقب والازمنة ، دينامو المجتمع و محرك الاشتغال الميداني ، لما تتمتع به هذه الشريحة من المجتمع 
من الطاقات العديدة والكفاءات المتعددة ، الا ان هذا الراسمال اللامادي ، والثروة البشرية الهائلة ، يبقى صوتها حبيس حنجرتها 
بدون صدى ،أو رجع الصدى ، دون أن يصل صوتها الى صانع القرار مسؤولا محليا او جهويا او وطنيا ،مما يشعرها بالاحباط والقنوط 
او العزوف والهرب من عالم الواقع المرير الى العالم الازرق الافتراضي المخيالي ، فيضيع صوت الشباب و يتلاشى دون ان يكون له اثرا 
لدى صانع القرار ،فيا ترى ماهي الاسباب والمسببات ؟ 
بلغة الارقام 300الف هي فاتورة المسجلين في اللوائح الانتخابية من اصل 13مليون ، مامعنى هذا الكلام ؟ 
معناه: ان اغلبية الشباب غير مسجلين في اللوائح الانتخابية ، مما يعكس ظاهرة خطيرة ، ان هناك عزوف سياسي عن التسجيل في اللوائح الانتخابية ، ومن تمة عزوف سياسي عن الانتخابات ، وبالتالي ضياع الصوت الشبابي بما يعني عدم الاستفادة من هذه الطاقة 
الفتية ، و من مواهبها ومؤهلاتها ، وعدم الاستماع الى افكارها ، ومعرفة اشغالاتها ، وآمالها وآلامها . 
ان تلاشي الصوت الشبابي لدى صانع القرار الحكومي او الحزبي او المؤسساتي او السياسي او المجتمعي ، يبقى حبيس الاطروحة التالية:
* غياب التاطير السياسي لفئة الشباب من طرف الاحزاب ، نظرا لغياب استرتيجية واضحة في التعاطي مع هذه الشريحة اامجتمعية .
* غياب التواصل بمختلف اشكاله ،قد يصل دون مبالغة او مراوغة الى حد القطيعة مع فئة الشباب ، فنكون ازاء طلاق بائن بينونة كبرى .
* عدم الثقة في كفاءة الشباب ، واعتبارهم جيلا قاصر ا  غير ناضج ، يضيع وقته في الفيسبوك .
* اعتبار القيادات الشبابية ، شبحا مخيفا سوف يعمل على ازاحة الكبار ، وبالتالي الخوف والتخوف على مصالحهم ومراكزهم .
* اعتبار الشباب ورقة انتخابية ، من خلال استغلال حماسهم وحماستهم كابواق دعائية لتنشيط الحملات الانتخابية .
* عدم ايلاء اية اهمية للشباب اثناء تسطير البرامج الانتخابية .
* غياب اي تمثيلية فاعلة  للشباب داخل الهرم القطاعي والمؤسساتي ، حتى يكون له صوت عند صانع القرار.
ان بلورة هذه التصورات  والتي هي فرع من بنك معطيات غني  ، يعكس وبحرقة ، غياب الصوت الشبابي لدى صناع  القرار ،  وعدم الاستفادة من هذه الثروة المعطاءة ،و الطاقات المدرارة ، والتي هي القاعدة الذهبية للمجتمع ، كالمضغة في الجسد ، ان صلحت صلح
المجتمع ، وان فسدت فسد المجتمع كله ، فهل يستمع صانع القرار وبامعان شديد الى صوت بل اصوات هذه الشريحة النشيطة ، ام انه
سيترك الرياح تغير الكثبان دون ان تغير الانسان!؟

أيها الجبناء ، عضوا أناملكم من الغيظ وموتوا بغيظكم.

الأحد، 25 يناير 2015 / لا تعليقات




فهد عاقل

مع وابل التهديدات التي صرت أتلقاها، والتي تصاعدت وثيرتها في الآونة الأخيرة، من خفافيش الظلام، وبعض الجبناء الملأى صدورهم عن آخرها بالسم الزعاف الذي يقضي على أصحابه، والتي لم أستوعب بعد دوافعها الحقيقية، اللهم جريمة المشاركة في الإشراف، مع بعض الأصدقاء، على الصفحة الرسمية لرئيس المجلس الحضري لمدينة ابن جرير السيد التهامي محيب بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. 

أوضح ما يلي ..؛

بحكم أن التهديد أسلوب الجبناء، ولا يلجأ إليه سوى أصحاب النفوس المريضة، ولا ينهجه إلا الضعفاء، فلا شيئ يثنينا عن مواصلة تعزيز التواصل بين رئيس المجلس والمواطن. فالرئيس بحاجة لمعرفة انشغالات المواطن، والمواطن بدوره من حقه الحصول على المعلومة وتتبع تدبير الشأن العام بمدينته. والصفحة الرسمية على الفيسبوك لا تشكل سوى جزء بسيط من التواصل الذي يقوم به الرئيس، ورغم بساطته، فهو يغيظ بعض القلوب؟! 

ما أنا إلا عضو بفريق، لا علم لي أحسد عليه، ولا أناضل من أجل قضية تجعلني في قائمة المطلوبين عند بلطجية بعض الأحزاب التي تدعي زورا محاربة الفساد، اللهم الدفاع عن حق المواطن في معرفة الحقيقة، ومحاربة كل أشكال الدعاية المغرضة والتضليل الإعلامي الممنهج. ثم إن دور فريق التواصل لا يستقيم دون عمل الرئيس، بل لا أهمية له من دون فعل حقيقي لهذا الأخير، والكل شاهد على ديناميكية الرجل، وعلى دوره في تنزيل المشاريع، وعلى إبداعه في حل إشكاليات مستعصية ومتراكمة عبر المجالس السابقة، وعلى حسن تدبيره للمالية الجماعية، وعلى تشجيعه للمشاريع المدرة للدخل وتحسين ظروف اشتغال الباعة المتجولين وتثبيتهم وخلق فرص للشغل. الكل شاهد على ذلك، بما فيهم خصومه السياسيين، لكنه الكبر والخوف من اتهامهم بالخيانة ما يجعلهم يطبقون الصمت ولا يجهرون بهذه الحقيقة. أو تراه الخوف من منحه نقاط مجانية على مشارف الاستحقاقات الجماعية ؟! حقا، فلا مجال لذيهم اليوم للإشادة بالانجازات، ولا صوت يعلو على صوت الحملات المضللة وترويج الإشاعات !!

أيها الجبناء،

بالأمس كان "الرئيس لا يتواصل" شعاركم، واليوم فرائصكم ترتعد من بعض البلاغات والمنشورات والصور؟! ألهذا الحد تغيظكم قناة للتواصل؟! أين الأخلاق والقيم؟! أم تراه شيطان الحقد والكراهية استولى على قلوبكم!! 

أيها الجبناء،

نعلم بأننا في بيئة لا تعترف بعلم التواصل، كما نعلم بأن الأخلاق والسياسة لا يجتمعان إلا عند ذوي المروءات من رجالات التنمية، غير أننا ماضون في معركة تجويد التواصل وتخليق الحياة السياسية، ولتعضوا علينا الأنامل من الغيظ.

شهادة في مهب الريح

الأربعاء، 14 يناير 2015 / لا تعليقات






حينما تسهر الليالي الطوال، تغالب النوم و النوم يغالبك، كأنك في حلبة المصارعة تصلب طولك حتى لا تسقط مغشيا عليك ، وحتى لا تتطاير الأفكار من راسك، و تتلاشى كما تتلاشى حبيبات التراب في السماء، فتصبح شهادة أحلامك مجرد فقاعة كبيرة، كلما ازدادت حجما، استحالت كذبة كبيرة. انفجرت في وجهك كابوسا مؤرقا،و سهادا مقلقا ،لان سخونة راسك وعنادك الصخري، وشيطانك الأخرس، و قرينك الماكر الذي باع لك القرد، وضحك عليك لما اشتريته. حينما جعلك تعيش وهما كسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماءا من كثرة عطشك و تعطشك لحروف هجاء المعرفة، تلك التي أغوتك بجمالها و دلالها و غنجها .حتى إذا ما اقتربت منها، تكشفت لك عجوزا شمطاء، بعدما حسبتها روضة فيحاء، وخلتها جنة غناء بها فاكهة وأبا وعنبا و قضبا. فلا تتأوه، فكلمة آه تحمل بين ضلوعها الوجع ، وتحمل بين ثناياها الفزع. فلا تذرف الدمع وتشتكي الهم، وتتذمرمن الجزع.أنت الذي فكرت، فدبرت، فاخترت، فلا تلومن إلا نفسك، ولا تملان الفضاء بالضجيج والزعيق والعويل. فقد آثرت الطمع والجشع، على القناعة باليسير، كسرة خبزحروف زهيدة، وماء كلمات بليدة، وزيتون أفكار بائدة، فأرحت واسترحت .أما آن لك أن تفهم؟  أما  آن لك أن تتعلم ؟انظر حولك لتتقدم، ولاتبكي على ما فاتك ،ولا تأسى على ما  آتاك،  إن ذلك من عزم الأمور.لقد حذرتك مرارا و تكرارا، سرا وجهارا، ليلا ونهارا ، شهادتك لاتغير الإطار، فمقدورك أن تبقى مكانك ساكنا كالظلوتمحو ما بداخلك من غل  فتتعقل ، ومن على صهوة فرسك ترجل، ابق صغيرا لاتكبر ، أمثالك كثر كثر.لاتفكر في المباريات  ، فطابور أحلامك يضيق، لكن حتما  حتما الفرج آت ياصديق.            
لعمري ماضاقت اهل بارضها  *** لكن احلام الرجال تضيق
                                                                                            خالد كب     .                                                

وكأن المغرب بلد بلا تاريخ!!

السبت، 27 ديسمبر 2014 / لا تعليقات






عبد الله الدامون
يمكن‭ ‬لأي‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬محاكم‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬طنجة‭ ‬إلى‭ ‬الكويرة‭ (‬إن‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الكويرة‭ ‬محكمة‭ ‬أصلا‭) ‬ويرى‭ ‬ما‭ ‬بداخلها،‭ ‬وسيجد‭ ‬أن‭ ‬البؤس‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬المعشش‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محاكم‭ ‬البلاد،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أن‭ ‬الأصص‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬‮«‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الجفاف‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يرويها‭ ‬فتيْبس‭ ‬نباتاتها‭ (‬الحبق‭ ‬غالبا‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬تكون‭ ‬مجرد‭ ‬نباتات‭ ‬من‭ ‬البلاستيك‭ ‬يكسوها‭ ‬الغبار‭ ‬ويعشش‭ ‬عليها‭ ‬الذباب‭ ‬والبراغيث‭.‬
من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬محكمة‭ ‬مغربية‭ ‬وتجد‭ ‬فيها‭ ‬جمالية‭ ‬تذكّرك‭ ‬بأنك‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬إنساني‭ ‬جميل،‭ ‬فالمحكمة‭ ‬هي‭ ‬القاعة‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬السجن،‭ ‬أو‭ ‬تجعلك‭ ‬تعتقد‭ ‬نفسك‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الانتظار‭ ‬نحو‭ ‬السجن،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬حس‭ ‬إنساني،‭ ‬هناك‭ ‬فقط‭ ‬موظفون‭ ‬عابسون‭ ‬وأمنيون‭ ‬بلا‭ ‬ملامح‭ ‬ومحامون‭ ‬يهرولون‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬ومتقاضون‭ ‬تائهون‭ ‬وسماسرة‭.. ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السماسرة‭.‬
من‭ ‬رأى‭ ‬منكم‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬مغربية‭ ‬فلينشر‭ ‬صورها‭ ‬على‭ ‬‮«‬الفيسبوك‮»‬‭ ‬و»التويتر‮»‬‭ ‬وما‭ ‬شابههما‭ ‬من‭ ‬حيطان‭ ‬الأنترنيت،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تجدوا‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬محكمة،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تجدوا‭ ‬معمارا‭ ‬مغربيا‭ ‬أصيلا،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تجدوا‭ ‬قاعة‭ ‬محكمة‭ ‬فيها‭ ‬مواصفات‭ ‬القاعة‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تذكر‭ ‬المتقاضين‭ ‬بأنهم‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عريق‭ ‬اسمه‭ ‬المغرب‭ ‬وليسوا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬بلا‭ ‬جذور‭.‬
محاكم‭ ‬المغرب‭ ‬مجرد‭ ‬قاعات‭ ‬بئيسة‭ ‬لقضاء‭ ‬الأغراض،‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬يقضي‭ ‬غرضه‭ ‬بطريقة‭ ‬ما،‭ ‬فمنها‭ ‬تخرج‭ ‬الملايير‭ ‬وإليها‭ ‬تدخل‭ ‬الملايير،‭ ‬لكنها‭ ‬تبقى‭ ‬مجرد‭ ‬أمكنة‭ ‬بئيسة‭ ‬تعشش‭ ‬فيها‭ ‬البرودة،‭ ‬الداخل‭ ‬إليها‭ ‬مفقود‭ ‬والخارج‭ ‬منها‭ ‬شبه‭ ‬مولود،‭ ‬وفي‭ ‬جنباتها‭ ‬يحدث‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬عين‭ ‬رأت‭ ‬ولا‭ ‬أذن‭ ‬سمعت‭.‬
في‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬المتحضر،‭ ‬تدخل‭ ‬محكمة‭ ‬فيكون‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يستقبلك‭ ‬ليس‭ ‬شرطيا‭ ‬عابسا‭ ‬أو‭ ‬‮«‬شاووشا‮»‬‭ ‬مغرورا،‭ ‬بل‭ ‬جدارية‭ ‬فنية‭ ‬رائعة‭ ‬تؤرخ‭ ‬لتاريخ‭ ‬المحاكم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬معنى‭ ‬العدل‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬جنبات‭ ‬المحاكم‭ ‬المتحضرة،‭ ‬تجد‭ ‬لوحات‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وجداريات‭ ‬رائعة‭ ‬في‭ ‬الأسقف‭ ‬والجوانب،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنك‭ ‬تتساءل‭ ‬محتارا‭ ‬عما‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬محكمة‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬متحف‭.‬
الجفاف‭ ‬الذي‭ ‬نعانيه‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬محاكمنا،‭ ‬بل‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الإدارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنك‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬بلد‭ ‬بلا‭ ‬تاريخ،‭ ‬وبلد‭ ‬بلا‭ ‬مجد،‭ ‬وبلد‭ ‬بلا‭ ‬فنانين‭ ‬وبلا‭ ‬مسؤولين،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬داخل‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬وإداراتنا‭ ‬هو‭ ‬اللهاث‭ ‬وراء‭ ‬الصفقات‭ ‬ووراء‭ ‬لقمة‭ ‬العيش،‭ ‬أما‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬فمجرد‭ ‬أشياء‭ ‬زائدة‭ ‬بلا‭ ‬معنى‭.‬
هناك‭ ‬بلد‭ ‬جار‭ ‬لنا‭ ‬يلعب‭ ‬بالتاريخ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان؛‭ ‬ففي‭ ‬أية‭ ‬بلدية‭ ‬أو‭ ‬محكمة‭ ‬أو‭ ‬برلمان‭ ‬جهوي‭ ‬أو‭ ‬مركزي‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬حكومية‭ ‬يضع‭ ‬الإسبان‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬اللوحات‭ ‬الفنية‭ ‬والصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬التي‭ ‬تؤرخ‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬تقريبا،‭ ‬بدءا‭ ‬بمأساة‭ ‬طرد‭ ‬الموريسكيين،‭ ‬ومرورا‭ ‬بالفترة‭ ‬الكولونيالية‭ ‬والدكتاتورية،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بالمرور‭ ‬نحو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ودخول‭ ‬إسبانيا‭ ‬نادي‭ ‬البلدان‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدما‭.‬
في‭ ‬برلمان‭ ‬إسبانيا‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بالألوان،‭ ‬الأسقف‭ ‬والجدران‭ ‬والأرضية‭ ‬والغرف‭ ‬والمداخل‭ ‬والمخارج،‭ ‬وحتى‭ ‬المراحيض‭ ‬لها‭ ‬مقاييس‭ ‬فنية‭. ‬في‭ ‬القاعة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لوحاتٌ‭ ‬عملاقة‭ ‬تؤرخ‭ ‬لبداية‭ ‬العمل‭ ‬النيابي‭ ‬والبرلماني‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ولوحات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬توضع‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬النواب‭ ‬لكي‭ ‬تذكّرهم‭ ‬بتاريخهم‭ ‬وتاريخ‭ ‬الذين‭ ‬ينوبون‭ ‬عنهم‭. ‬وفي‭ ‬سقف‭ ‬البرلمان‭ ‬جدارية‭ ‬دينية‭ ‬كبيرة‭ ‬بها‭ ‬ثقوب‭ ‬رفيعة،‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الفئران،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬آثار‭ ‬الرصاص‭ ‬الذي‭ ‬اخترق‭ ‬سقف‭ ‬البرلمان‭ ‬خلال‭ ‬المحاولة‭ ‬الانقلابية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الجنرالات‭ ‬أوائل‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وأد‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الفتية،‭ ‬حيث‭ ‬دخل‭ ‬العسكر‭ ‬مقر‭ ‬البرلمان‭ ‬وأطلقوا‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬لتخويف‭ ‬النواب،‭ ‬فبقيت‭ ‬آثار‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬الأمكنة‭ ‬نفسها‭ ‬لكي‭ ‬تـُذكّر‭ ‬الإسبان‭ ‬بأن‭ ‬ثمن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ليس‭ ‬سهلا،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القطرة‮»‬‭ ‬ترشح‭ ‬عبرها‭ ‬على‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الأمطار‭ ‬العاصفة‭.‬
أما‭ ‬نحن،‭ ‬فندخل‭ ‬برلماننا‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬ممثلي‭ ‬الأمة‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الغُمّة‭.. ‬لا‭ ‬لوحة‭ ‬هنا‭ ‬ولا‭ ‬جداريات‭ ‬هناك‭ ‬ولا‭ ‬معالم‭ ‬فنية‭ ‬ولا‭ ‬صور‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يذكّر‭ ‬الناس‭ ‬بتاريخهم‭. ‬كل‭ ‬الردهات‭ ‬وكل‭ ‬القاعات‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬فارغة‭ ‬وبدون‭ ‬معنى،‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬فارغ‭ ‬وبدون‭ ‬معنى‭ ‬وتسيل‭ ‬منه‭ ‬‮«‬القطرة‮»‬‭ ‬على‭ ‬المغاربة‭ ‬شتاء‭ ‬وصيفا‭.‬

في‭ ‬مقر‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬يوجد‭ ‬أيضا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭. ‬هناك‭ ‬لوحات‭ ‬وصور‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬تقريبا،‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬نشأة‭ ‬البلاد‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭. ‬هي،‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬صور‭ ‬حميمية‭ ‬لسياسيين‭ ‬يتناقشون‭ ‬أو‭ ‬يتضاحكون‭ ‬أو‭ ‬يشعلون‭ ‬السجائر‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬وهم‭ ‬يلعبون‭ ‬‮«‬الدّومينُو‮»‬‭. ‬هناك‭ ‬صورة‭ ‬للملك‭ ‬السابق‭ ‬خوان‭ ‬كارلوس‭ ‬وهو‭ ‬يقدم‭ ‬القهوة‭ ‬إلى‭ ‬السياسيين‭ ‬وزعماء‭ ‬أحزاب‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المشارب،‭ ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يضعون‭ ‬صور‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬زوايا‭ ‬خاصة‭ ‬وكأنه‭ ‬يعيش‭ ‬لوحده،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬للملك‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مندمجا‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭... ‬بل‭ ‬في‭ ‬خدمتهم‭.‬
الأربعاء، 24 ديسمبر 2014 / لا تعليقات




الدكتور عائض القرني



إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة، وإذا سمعت تاجراً يحرّج على 

بضاعته وينادي عليها 

فاعلم أنها كاسدة، فكل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون 

ووقار؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح، إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة، أما

الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها، وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة،

وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين، فهم كالطفل الأرعن الذي أتى 

إلى لوحة رسّام هائمة بالحسن، ناطقة بالجمال فشطب محاسنها وأذهب روعتها، وهؤلاء الأغبياء الكسالى 

التافهون مشاريعهم كلام، وحججهم صراخ، وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً ولا وصفاً 

جميلاً، فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا يُذكر مع الموظفين الرواد، ولا مع العلماء الأفذاذ، 

ولا مع الصالحين الأبرار، ولا مع الكرماء الأجواد، بل هو صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط،

ويسير بلا همة، ليس له أعمال تُنقد، فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط، لا يُمدح بشيء، لأنه

خال من الفضائل، ولا يُسب لأنه ليس له حسّاد، وفي كتب الأدب أن شاباً خاملاً فاشلاً قال لأبيه: يا أبي أنا لا 

يمدحني أحد ولا يسبني أحد مثل فلان فما السبب؟ فقال أبوه: لأنك ثور في مسلاخ إنسان. إن الفارغ البليد يجد 

لذة في تحطيم أعمال الناس ويحس بمتعة في تمريغ كرامة الرّواد، لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم،

ولهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين ولا

بعثرة قبورهم، فهو منهمك في بناء مجده ونسج ثياب فضله، إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع 

كثيرة المنافع، ولهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع، مرة 

الطعم، لا منظر بهيجاً ولا ثمر نضيجاً، إن السيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو أجوف، إن علينا 

أن نصلح أنفسنا ونتقن أعمالنا، وليس علينا حساب الناس والرقابة على أفكارهم والحكم على ضمائرهم، الله 

يحاسبهم والله وحده يعلم سرّهم وعلانيتهم، ولو كنا راشدين بدرجة كافية لما أصبح عندنا فراغ في الوقت نذهبه 

في كسر عظام الناس ونشر غسيلهم وتمزيق أكفانهم، التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث 

عن الجرح، أما الخيّرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوّله عسلاً فيه 

شفاء للناس، إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور، لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها 


وخسرت فوزها، اعمل واجتهد وأتقن ولا تصغ لمثبّط أو حاسد أو فارغ. هبطت بعوضة على نخلة، فلما أرادت أن 

تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير، فقالت النخلة للبعوضة: والله ما شعرت بك يوم وقعت 

فكيف أشعر بك إذا طرتِ؟! تدخل الشاحنات الكبرى عليها الحديد والجسور وقد كتبوا عليها عبارة: خطر ممنوع 


الاقتراب، فتبتعد التكاسي والسياكل ، الأسد لا يأكل الميتة، والنمر لا يهجم على المرأة لعزة النفس وكمال الهمة، 


أما الصراصير والجعلان فعملها في القمامة .